تعيش كارول سماحة كل المساحة المسرحية المتاحة أمامها. تلعب سماحة واحدًا من الأدوار القوية النادرة في ما يعرض على المسارح في عمل اخرجه ميشال جبر، ويقدم على مسرح مونو (القاعة الصغرى) بعنوان: هي في غياب الحب... والموت". للمرة االرابعة تمثل كارول سماحة بإدارة ميشال جبر. فقد لعبت (معه)دور برناردا في " منزل برناردا البا" العام 1995. عام تخرجها من الجامعة اليسوعية، وفي العام نفسه لعبت (معه أيضا) دور ماريا في مسرحية المهاجر (تأليف الشاعر جورج شحادة). بعد سنة غنت ومثلت في "عاشقة الله" (تأليف الموسيقى)لنداء أبو مراد...( اخراج ميشال جبر) إلى جانب حضورها في اعمال مسرحية وتلفزيونية أخرى. يعرف جبر قدرات الممثلة الشابة التي تمتلك حسًا مرهفًا وعميقًا، إلى طواعية في الصوت والجسد ؟ لا جدال عليها. واختار جبر نصًا لكارول لإدوارد رازندسكي، فيه شغف وانكسارات وتوتر وتحولات تعيشها الممثلة ضاحكة وساخطة ومتألمة. تعيش نينا في استوديو (مع علّية) مع احباطاتها. تتحرك حول كنبة وتثرثر على هاتف. تعلن بعد وقت انه مجرد آلة خرساء. تغني، تدخن. تتمايل كسكرى، تتكلم عن نفسها، تحكي عن عشقها لجرجي وفي الاسم دلالات لا تبدو مطابقة لشخصية الممثل المستهتر (جو قديح) تسمية "أبو جريج الحبيب الاوّلاني" الذي تركها واجبرها على الإجهاض بعدما تزوجت سواه، وحبلت منه (أي جرجي)، الحبيب الأول يستبدلها بعاهرة (كما وصفتها نينا وبكلمة الشارع) ؟ تستنفر نينا غيرة جرجي حين تطارده إلى ملهى، وتراقص تحت نظره احد عناصر السفارة الفرنسية، من ذوي البشرة السوداء. نينا في بيتها، تسترجع قصة حبها والانهيارات والفشل المهني والادوار الهزيلة وطباع جرجي السيئة جرس الباب يرن لا ترد بل تتابع بصوت عال، تمثيل دور حياتها بسخرية مرة، تتحرك في أرجاء البيت، أو الردهة الواحدة وفيه البار والكنبة ولوح الكوي. وفي العليّة ما يذكر بوجود طفل او خيال طفل. الجرس يلح. في الخارج الحارس الفرنسي يتوسل الدخول بظرف. وتبادله الكلام، خلف الباب – بفرنسية ذكية وفي حوارهما فكاهة تلون او تتسلل إلى التداعيات الموجعة. "لوح الكوي" يصير انسانا ذا قدم طويلة. انه الفرنسي كما تتصوره. الحوار بين الداخل والخارج يذهب إلى رومنسية حين يعزف الفرنسي على الناي ويخبرها عن السماء صوت العصافير والبكاء. يرق قلبها. يدخل مثل مهرج. انه جرجي ذو الشعر الطويل، العابث الضاحك الآتي بحجة استعادة بعض اغراضه الرياضية. تخبره عن سنياريو حصلت عليه من صديقتها ماريشا التي تعرضت أيضا لخيانة جرجي لها. السيناريو هو حقيقة مشاعره ووجعها. تقفل الباب الذي تتصور دائما ان خلفه آذانا تصغى إلى حركة البيت. وتهدده بمسدس وتجبره على لعب الدور المذّل. تنتقم منه. والانتقام الوجه الآخر للحب، تتفاوت وتيرة الحوار. يعنف. يرق. يصير عاديًا. يُستعاد وينتهي الصراع بصوت طفل او هذا ما تتخيله. من جديد تسقط بين يديه. فيحملها إلى العلية بعد ثقل الاعتراف والتمثيل. "هي في غياب الحب... والموت" فصل واحد يمتد لساعة ونصف الساعة. وقد يكون مفيدًا لو كان الوقت اقل بربع ساعة. فأحيانًا تحس ان المخرج أوصل المشاهد إلى الذروة الدرامية كما في المشهد الراقص. ليعيده إلى نقطة أدنى. ثم تتصاعد الوتيرة مجددًا ضمن محور واحد وصراع محدد الأطر. وهنا لا بد من التنويه ايضًا ببراعة جو قديج في لعب دور العابث العابر فوق قصصه. ولكنه في الواقع يمتلك حسًا مرهفًا يغلّفه بلامبالاة واستهتار. عمل جبر على بناء شخصيتيه بحرفة عالية مما جعل بعض التكرار (حول فكرة الانثوية) مقبولاً في مسرح عميق ومتواضع: منصة عرض وصالة. عماد موسى
ملحق النهار – السبت 6 كانون الاول 1997 عقل العويط حين تخطفنا الممثلة